القائمة الرئيسية

الصفحات

 سارة الطيب تكتب.:سودانير… عنوان السودان في السماء



حين تحلّق "سودانير" في عنان السماء، لا تنقل ركابًا فحسب، بل تصحب معها تاريخًا حافلًا، ووجدان أمة، وعلمًا يرفرف بين الغيوم معلنًا أن السودان حاضرٌ في الأجواء كما هو في الأرض. الناقل الوطني، الذي كان ولا يزال رمز السيادة وعنوانًا للدولة السودانية في المحافل الدولية، يستحق أن يُحتفى به وأن يُنصف بما يليق بتاريخه ومكانته.


لقد أثبتت "سودانير" عبر العقود أنها أكثر من مجرد شركة طيران، بل مؤسسة وطنية عميقة الجذور، تتعامل بمهنية عالية واحتراف لا تخطئه العين، لكنها في ذات الوقت تحتفظ بوجهها الإنساني، ودفئها السوداني الأصيل. فالعاملون فيها، من الطيارين إلى أطقم الضيافة، يعكسون روح الوطن، ويحملون في سلوكهم محبة خالصة لتراب السودان، يظهر ذلك في البشاشة، واللباقة، والحرص على راحة الركاب، وكأن كل راكب سفير للبلد يجب إكرامه.


وما يميز "سودانير" كذلك هو دورها الاجتماعي، فهي لا تتخلف يومًا عن الوقوف مع السودانيين في أحلك الظروف، سواء في أوقات الكوارث أو خلال الأزمات السياسية والاقتصادية. كانت دائمًا حاضرة في الملمات، تنقل العالقين، وتربط الأهل بالأهل، وتبث الطمأنينة في النفوس.


ورغم التحديات الكبيرة التي واجهتها، من تعقيدات البنية التحتية إلى الحصار السياسي والاقتصادي، فإن "سودانير" صمدت. وها هي اليوم تواصل التحليق، بإدارة تمزج بين المهنية الصارمة والانتماء الوطني العميق. إدارة تعي أن الناقل الوطني ليس مشروعًا تجاريًا فقط، بل رمز سيادي ومؤسسة منتجة ذات عائد مضمون إذا ما أُحسن الاستثمار فيها.


ما أحوجنا اليوم إلى أن نُعيد لـ"سودانير" مكانتها المستحقة، بدعم حكومي واضح، واستثمارات تليق بها، فالدولة لا تحمي فقط مؤسساتها الأمنية، بل مؤسساتها السيادية الاقتصادية أيضًا، وسودانير في مقدمتها. إنها "عنوان  للوطن" بحق، وسفيرتنا التي لا تنام، وهي تحلق من مدرجات الوطن إلى مطارات العالم.


ولا يفوتني أن أُثني على طاقم الرحلة التي أقلّتني إلى القاهرة يوم الخميس الماضي، فقد كان التعامل الإنساني راقيًا، مليئًا باللطف والاحتراف، بدءًا من الاستقبال مرورًا بالخدمة الجوية وانتهاءً بالهبوط الهادئ. كانت الرحلة نموذجًا لما يجب أن تكون عليه كل رحلات "سودانير": مهنية عالية، وأداء فني مميز، وإنسانية تليق بالسودانيين.


سودانير… ستظل عنوان السودان في السماء، ورسوله إلى العالم.

تعليقات